الخوف والقمع- الحياة اليومية تحت الاحتلال في فلسطين

المؤلف: أودري مكماهون10.22.2025
الخوف والقمع- الحياة اليومية تحت الاحتلال في فلسطين

بالنسبة لزميلتي مريم، فإن كل فجر يوم جديد لا يشرق إلا مع تراتيل الدعاء والتضرع إلى الله. فبعد وداع أطفالها الأعزاء عند بوابة المدرسة في إحدى ضواحي مدينة نابلس، لا تملك إلا أن ترفع أكف الضراعة، متمنيةً من أعماق قلبها ألا يعترض طريق عودتها إليهم أي عائق أو مكروه عند انتهاء ساعات عملها المرهقة.

وكما عبرت لي مريم بمرارة ذات صباح وهي تلتقط أنفاسها قبل البدء في العمل: "نحن نعيش في سجن واسع الأرجاء، سجن لا أسوار له، ولكن قيوده تخنقنا. أينما حللنا، لا يرافقنا سوى شعور دائم بانعدام الأمان. نفتقد أبسط معاني الحرية. لا نستطيع التنقل بحرية من مكان إلى آخر دون أن يراودنا هاجس الخوف والقلق... نقاط التفتيش العسكرية والجنود المدججون بالسلاح، حتى وإن لم تقع عيناك عليهم في طريقك، فإن الخشية الدائمة تكمن في احتمال تعرضنا لهجوم من قبل المستوطنين. قلبي يتمزق خوفًا على سلامة عائلتي، أخشى عليهم من أي أذى أو ضرر مهما كان بسيطًا، إنه الخوف الدائم والقلق المتأصل في أعماقنا".

إن الآباء والأمهات الفلسطينيين، مثل مريم، يعيشون في هلع دائم، وذلك لأن حتى الأطفال لم يسلموا من بطش الاحتلال وممارساته التعسفية التي يواجهها الفلسطينيون بشكل يومي. وتتجسد هذه الحقيقة المرة في التجربة المؤلمة التي عايشها زميل آخر، هو محمد. ففي ربيع العام الماضي، بينما كان علي، ابنه ذو الاثني عشر ربيعًا، متوجهًا إلى مدرسته في القدس الشرقية، أمره جنود الاحتلال الإسرائيليون، الذين كانوا ينتشرون على الطريق، بالتوقف وإبراز هويته الفلسطينية. تساءل علي ببراءة عن سبب هذا الإجراء، خاصة وأن هذا المكان ليس نقطة تفتيش رسمية، وأنه سيتاخر عن دروسه.

لم يتردد أحد الجنود الإسرائيليين في تقييد حركة الطفل جسديًا بعنف، مما تسبب له في إصابة مؤلمة في منطقة حساسة. ونتيجة للألم المبرح والمفاجئ، حاول علي إبعاد الجندي الإسرائيلي عنه، فكانت النتيجة اعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية لمدة أسبوع كامل. هكذا وجد والداه أنفسهما فجأة في موقف صعب، مجبرين في آن واحد على توفير الرعاية لابنهم، و"تنفيذ القانون" عليه، مما أثر بشكل كبير على حياة الأسرة بأكملها وزرع فيها بذور الخوف والقلق.

في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية، لم يعرف الفلسطينيون معنى "الوضع الطبيعي" منذ عقود طويلة. فالآثار النفسية العميقة للاحتلال والقمع المتواصل تتردد أصداؤها في كل زاوية من زوايا الحياة الفلسطينية، وتلقي بظلالها القاتمة على كل شيء.

إن تقييد الحصول على المياه النظيفة والغذاء الكافي، وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ونقاط التفتيش المهينة، والاعتقالات التعسفية المروعة، هي المشاهد اليومية التي يعيشها الأطفال والنساء والرجال في ظل قلق وخوف مستمرين من التهديدات المحتملة التي تحيط بهم من كل جانب.

بالنسبة للفلسطينيين، فإن الإذلال المتعمد على أيدي قوات الاحتلال هو بمثابة وجبة يومية قاسية يجب تحملها بصمت وتجرع مرارتها لتجنب المزيد من التصعيد العنيف الذي قد يودي بحياتهم. وهذا الوضع له تأثير مدمر بشكل خاص على الرجال والآباء والمراهقين الشباب، الذين يشعرون بالعجز التام أمام حماية عائلاتهم.

إن الإشادة بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني يجب ألا يؤدي أبدًا إلى تطبيع العنف المتزايد الموجه ضدهم. يجب أن نضع حدًا لهذه المأساة الإنسانية. لا يمكن ولا ينبغي إجبار أي إنسان على تحمل هذا المستوى غير المسبوق من الوحشية إلى ما لا نهاية.

في مواجهة هذا القمع الممنهج، يتعرض الفلسطينيون باستمرار لإنكار إنسانيتهم وتجريدهم من أبسط حقوقهم. فالخوف والعجز المتراكم منذ الطفولة المبكرة يؤثر بشكل عميق على المعتقدات والسلوكيات الأساسية للأفراد. يتربى الأطفال وهم يعتقدون جازمين أن العالم ليس مكانًا آمنًا يمكنهم فيه أن يعيشوا حياة طبيعية، ناهيك عن تعرضهم الدائم للتهديد والمضايقة لمجرد أنهم فلسطينيون. ولا شك أن هذه النظرة القاتمة للعالم، المفروضة قسرًا على هذا الشعب، تحطم الأحلام الوردية وتقتل الأمل في مستقبل أفضل.

وعلاوة على ذلك، فإن عنف الاحتلال بأشكاله المختلفة – سواء أكان ذلك من خلال استهداف الأطفال، الذين هم عماد المجتمع الفلسطيني ومستقبله، أم حرق أشجار الزيتون المعمرة، التي هي مصدر رزق الفلسطينيين ورمز ارتباطهم الوثيق بأرضهم – ينتج صدمة نفسية عميقة تتوارثها الأجيال وتترك آثارًا لا تمحى.

وهذا الوضع يؤثر حتمًا على النسيج الاجتماعي الفلسطيني بأكمله؛ داخل المجتمعات المحلية وحتى داخل العائلات نفسها. إنه يغير بشكل جذري الطرق التي يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى تآكل الثقة وتقويض العلاقات الاجتماعية ويولد التوتر والصراعات.

يصف العديد من الفلسطينيين الحياة تحت نير الاحتلال بأنها شعور دائم بالاختناق وانعدام القدرة على التنفس بحرية. وكانت الأشهر التسعة الماضية تقريبًا هي الأسوأ على الإطلاق، حيث بلغت المعاناة ذروتها.

لقد غيرت الحرب الحالية على غزة أهداف العنف والإرهاب المطلق، وقد أدت إلى استشهاد ما يزيد على 37 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 15 ألف طفل بريء، وإصابة ما يقرب من 84 ألفًا آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

وخلف هذه الأرقام المذهلة، تكمن قصص لا حصر لها من الألم والفقدان الذي لا يمكن تحمله. أمهات يلدن أطفالهن تحت أصوات القصف المرعبة، وأطفال يتحملون الألم المبرح الناتج عن بتر الأطراف دون تخدير، وعاملون في مجال الرعاية الصحية يخاطرون بحياتهم ليل نهار لعلاج المرضى في نظام طبي منهار يعتمد على آخر خيوط مثابرة الفلسطينيين المتواضعة. وتحت الأنقاض المتراكمة، دُفنت ذكريات أجيال بأكملها لم يكن من الممكن انتشالها ودفنها بشكل لائق. إن المعرفة والتعلم المتراكمين على مر القرون يتم محوهما بلا رحمة في الجامعات والمدارس والمكتبات ودور المحفوظات المحروقة.

تشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية أيضًا أعمال عنف غير مسبوقة. فالضحايا في ازدياد مستمر وبشكل مخيف. وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و24 يونيو/حزيران، قُتل 536 فلسطينيًا، من بينهم 130 طفلًا، وأصيب 5370 آخرون. وقد ارتفعت الاعتقالات اليومية والاعتقالات التعسفية بشكل كبير، بما في ذلك اعتقالات الأطفال الأبرياء الذين غالبًا ما تتم محاكمتهم في المحاكم العسكرية الجائرة.

وقد تكثفت المداهمات العسكرية الوحشية للمنازل، مما أدى إلى قطع نوم الأسر، وترويع الأطفال الأبرياء، وإهانة الآباء والأمهات، الذين غالبًا ما يُحرمون من قدرتهم الفطرية على حماية أسرهم من الأخطار.

غالبًا ما تتم الإشادة بالفلسطينيين لصمودهم الرائع وقدرتهم المذهلة على التكيف مع الظروف الصعبة. فعندما واجهوا خطر الإبادة الجماعية، أظهروا مرارًا وتكرارًا شجاعة وتصميمًا هائلين لا يلين. قد تتحطم المنازل والطرق والأماكن المقدسة والمستشفيات وتدمر إلى الأبد، ولكن روحهم القوية وعزيمتهم الراسخة لا يمكن أن تنكسر أبدًا. يواصل الفلسطينيون الصمود في وجه المعاناة الإنسانية الهائلة ببسالة وإصرار.

ومع ذلك، فإن الإشادة بالصمود الفلسطيني يجب ألا يؤدي أبدًا إلى تطبيع العنف المتزايد الموجه ضد الفلسطينيين. يجب أن نضع حدًا لهذه المأساة الإنسانية المستمرة. لا يمكن ولا ينبغي إجبار أي إنسان على تحمل هذا المستوى غير المسبوق من الوحشية إلى ما لا نهاية.

إلى جانب التضامن الدولي الصادق، يحتاج الشعب الفلسطيني إلى إجراءات سياسية ملموسة وحاسمة تؤدي إلى المساءلة الأخلاقية والسياسية للمجرمين. لا يتعين على المجتمع الدولي أن يوقف الحرب المدمرة على غزة فحسب، بل يتعين عليه أيضًا أن يضع نهاية قاطعة وحازمة للاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية.

لا يمكن أن يكون هناك شفاء حقيقي ما لم يكن هناك اعتراف واضح بالصدمة الجماعية والتاريخية العميقة التي لحقت بالشعب الفلسطيني. ولا يمكن أن يكون هناك اعتراف حقيقي دون عمل ملموس وتحمل كامل للمسؤولية.

 

* تم تغيير أسماء الأشخاص المذكورين في هذا المقال حفاظًا على هويتهم وحرصًا على سلامتهم

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة